للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسبب الآخر في وقوع (لا) جوابًا للقسم دون (لن) إن (لن) مختصة بالاستقبال و (لا) نفيها عام مطلق لا يختص بزمن دون زمن فتقول مثلا: (هو والله لا يفقه) وتقول (والله لا أحبه) ولا تصلح (لن) هنا، لأن هذا الحال، و (لن) لا تكون للحال فكون (لا) مطلقة لجميع الأزمنة، هو الذي جعلها يتلقي بها القسم دون (لن).

ولا يعني هذا أن ننفي عن (لا) التوكيد إذا وقعت جوابا للقسم، فقد تكون مؤكدة إذا وقعت جوابًا للقسم. ولا تقل كيف يكون الحرف مؤكدا في موضع دون موضع؟ فإن هذا له نظائر في كلام العرب وفي كلام النحاة. فإن (لا) إذا وقعت جوابًا للقسم كان لها صدر الكلام وإذا لم تقع جوابا للقسم لم يكن لها الصدارة عنهم، فاختلف حكمها إذا وقعت جوابًا للقسم عنه إذا لم تقع جوابا للقسم.

و(إذا) تكون شرطية ظرفية معا، وقد تكون ظرفية غير شرطية، و (ما) تكون مصدرية ظرفية، وقد تكون مصدرية غير ظرفية. والباء قد تكون مؤكدة، وقد تكون غير مؤكدة فكذلك (لا).

وتعليل ذلك أن (لا) أقدم حرف نفي في العربية، وكل حروف النفي الأخرى أحدث (منها) (١). وعلى هذا فهي كانت مستعملة في جميع الحالات، فلا عجب أن تستعمل في التوكيد وفي غيره بحسب ما يقتضيه المقام.

وأما قولهم: إن النفي بـ (لا) أطول من النفي بـ (لن) فهذا يحتاج إلى إيضاح، فإنهم إذا كانوا يقصدون أن النفي بـ (لا) يكون دوما أطول من النفي بـ (لن) فهذا مردودة، قد يكون النفي بـ (لن) طويلا أيضا، كما في قوله تعالى: {لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} [الحج: ٧٣].


(١) انظر التطور النحوي ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>