للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالحق أن كلا منهما يستعمل حيث يمتد النفي، وحيث لا يمتد، كما قال ابن عصفور.

ولكن مما لا شك فيه أن النفي بـ (لا) أوسع من النفي بـ (لن)، كما أوضحنا، فإن (لن) مختصة بالاستقبال، أما (لا) فنفيها عام مطلق ينفي جميع الأزمنة، المستقبل وغيره، بل هي تنفي الفعل الماضي أيضا، نحو قوله تعالى: {فلا صدق ولا صلى} [القيامة: ٣١]، ونحو قولنا (لا ذهب ولا رجع) وتستعمل معه في الدعاء، نحو (لا أهلكه الله) و (لا فض الله فاك) وتستعمل مع الأسماء نحو (لا رجل) ولابد من ذلك، وفي نفي النعوت، نحو قوله تعالى: {وظل من يحموم لا بارد ولا كريم} [الواقعة: ٤٣ - ٤٤]، ونحو قوله: (بقرة لا ذلول) [البقرة: ٧١].

فهي كما ترى أوسع نفيا من (لن)، وسبب ذلك كما ذكرت يعود إلى أنها أقدم حرف نفي في العربية. جاء في (التطور النحوي): " ونرى (لا) مستعملة في كل الحالات إلا الماضي. وإذا راعينا أن (لم) ليست إلا (لا) بزيادة (ما) قلنا أن (لا) مستعملة في الجميع والسبب في ذلك أنها أقدم حروف النفي العربية، فكانت عامة ابتداء، والباقية كلها أحدث وأخص (١).

بل لم يرد من أدوات النفي في الكتابات اللحيانية سوى لفظ (لا) (٢).

وأدوات النفي التي نعرفها من الكتابات العربية الجنوبية هي (ال) و (لم)، وتدخل (لم) على الفعل المضارع غير أن ذلك نادر، ومعنى (ال) (لا) ويرد بعد الفعل سواء أكان ماضيا أم مضارعا (٣).


(١) التطور النحوي ١١٥
(٢) تاريخ العرب قبل الإسلام ٧/ ١٧٩
(٣) تاريخ العرب قبل الإسلام ٧/ ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>