للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصب على معى: أنك لست بصاحبي فكيف أكرمك؟ أي: أنت لا تكرمه ولا يجوز لأنه ليس قبله ما يصح عطفه عليه (١).

قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة} [الحج: ٦٣]، " فإن قلت: فما له رفع، ولم ينصب جوابا للاستفهام؟

قلت: لو نصب لأعطي ما هو عكس الغرض، لأن معناه أثبات الاخضرار، فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار، مثاله أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت فتشكر؟ إن نصبته ناف لشكره، شاك تفريطه فيه.

وإن رفعت فأنت مثبت للشكر، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الاعراب وتوقير أهله (٢).

فاتضح بهذا أن لكل تعبير معنى، فقولك (لم تؤده فيرهبك) بالجزم معناه أنك لم تؤده فلم يرهبك، فالفعلان منفيان ماضيان في المعنى. وبالنصب، معناه أنك لم تؤذه، فكيف يرهبك؟ أي ليس ثة سبب لرهبتك فإنك لم تؤذه. وبالرفع معناه انك لم تؤذه وهو مع ذلك يرهبك أي هو يرهبك على كل حال.

وقد يدل الاستئناف على السبب قليلا نحو قوله:

فلقد تركت صبية مرحومة ... لم تدر ما جزع عليك فتجزه

أي لو عرفت الجزع لجزعت، ولكنها لم تعرفه فلم تجزع، وهذا أحد وجهي النصب وهو انتفاء الثاني لانتفاء الأول (٣). وكقوله تعالى: {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [المرسلات: ٣٦]، فهذا يحتمل السبب.


(١) انظر المقتضب ٢/ ١٧
(٢) الكشاف ٢/ ٣٥٤
(٣) المغنى ٢/ ٤٨٠، وانظر شرح الرضي ٢/ ٢٧٢ - ٢٧٤ - ٢٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>