للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف} [البقرة: ٢٤٠]، فنكره.

وذكر أن المقصود بـ (المعروف) ههنا الزواج خاصة، وأما غير المعروف فيراد به ما لم ستنكر فعله من خروج أو تزين، ونحوه. جاء في درة التنزيل: للسائل أن يسأل فيقول: ما الفائدة التي أوجبت اختصاص المكان الأول بالتعريف والباء فقال (بالمعروف) والمكان الثاني بالتنكير ولفظة (من)؟

والجواب عن ذلك أن يقال: إن الأول تعلق بقوله: " والذين يتوفون .. بالمعروف" أي لا جناح عليكم في أن يفعلن في أنفسهن بأمر الله، وهو ما أباحه لهن من التزوج بعد انقضاء العدة، فـ (المعروف) ههنا أمر الله المشهور، وهو فعله وشرعه الذي شرعه، وبعث عليه عباده.

والثاني المراد به فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من جملة الأفعال التي لهن أن يفعلن من تزوج أو قعود فالمعروف ههنا فعل من أفعالهن، يعرف في الدين جوازه وهو بعض ما لهن أن يفعلنه، ولهذا المعنى خص بلفظة (من) ونكر، فجاء المعروف في الأول معرف باللفظ لما أشرت إليه، وهو الوجه الذي دل الله عليه وأبانه فعرف، إذ كان معرفة مقصودًا نحوه وكذلك خص بالباء وهي للإلصاق والثاني كان وجها من الوجوه التي لهن أن يأتينه فأخرج مخرج النكرة لذلك" (١).

ومثله الكذب وكذب فقد استعمل القرآن الكريم (الكذب) بالتعريف لما هو خاص بأمر معين (وكذبا) لما هو عام.

قال تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من


(١) درة التنزيل ٥٢ - ٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>