للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدلك على معنى الجزاء أنه إذا تخلف معنى الشرط لا يصح جزمه وذلك واضح في النهي، نحو (لا تدن من النار تحترق) فإنه لا يصح جزم (تحترق) هنا لأنه لا يصح أن تقول (إن لا تدن من النار تحترق) بخلاف قولك (لا تدن من النار تسلم) فإنه يصح القول (أن لا تدن من النار تسلم) ولذا يجزم الفعل (تسلم) ولا يجزم (تحترق).

جاء في (شرح الأشموني): " وشروط جزم بعد نهي، فيما مر أن يصح أن تضع أن الشرطية قبل (لا) النافية، دون تخالف في المعنى يقع، ومن ثم جاز (لا تدن من الأسد تسلم) وامتنع (لا تدن من الأسد يأكلك) بالجزم (١).

" ولكنك ترفع على القطع، كأنك قلت: لا تدن منه فإنه يأكلك" (٢).

ومثاله من غير النهي قولك (اقتل العقرب تلدغك) فإنه لا يصح جزم (تلدغك) لأنه لا يصح تقدير الشرط، فلا تقول (إن تقتل العقرب تلدغك) بخلاف قولك (اقتل العقرب تنج منها) فإنه يصح جزمه، ونحو (تجنب النار تحرقك) فإنه لا يصح فيه الجزم، لأنه لا يصح تقدير الشرط وإنما هو مرفوع على القطع، أي أنها تحرقك بخلاف (تجنب النار تنج) فإنه يجزم.

ومثله (هلا تحفظ ترسبُ) فإن هلا يصح الجزم فيه، بخلاف قولك: (هلا تحفظ دروسك تنجح) ونحو: (ليتني أجد ماء يهلكني العطش) فإنه لا يجوز فيه الجزم، لأنه لا يصح تقدير الشرط بل هو على تقدير أنه يهلكني العطش، بخلاف قولنا (ليتني أجد ماء أعطش) فإن الفعل فيه مجزوم لأنه مقدر بالشرط.

ويدلك على ذلك أيضا - أي على معنى الجزاء - أن ما نصب بعد فاء السببية في الطلب إذا اسقطت منه الفاء جزمت، وذلك نحو قولك: (أين بيتك فأزورك) فإذا أسقطت الفاء منه، وبقي في الجملة معنى السبب جزمت، وهذا يدلك على أن معنى الجزم هو أن يكون الثاني مسببا عن الأول، وهو المقصود من الشرط.


(١) شرح الأشموني ٣/ ٣١١
(٢) المفصل ٢/ ١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>