وقال:{ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا}[النساء: ٢٩ - ٣٠]، فجاء بـ (سوف) هنا بخلاف آية الايتام، وذلك أن المقام يقتضي الزيادة في التهديد، لأنه في عقوبة قتل النفس عدوانا وظلما، بخلاف الآية السابقة فإنها في كل أموال اليتامى، والقتل أشد ولا شك، فزاد لهم في التهديد والتوكيد لما زاد الفعل سوءا ونكرا، ثم إنه لما قال (عدوانا وظلما) فزاد العدوان على الظلم، زاد لهم التهديد، فجاء بـ (سوف) التي هي آكد من السين، ونسب الاصلاء إلى نفسه فقال (فسوف نصليه نارا) بخلاف الآية السابقة فإنه قال (وسيصلون سعيرا) فنسبه إليهم.
ومن الطريف أن يؤتى بلفظ (السوف) الذي يفيد الهلاك والموت مع فعلة القتل بخلاف آية الايتام. ونحو ما مر قوله تعالى:{فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله}[غافر: ٤٤].
وقوله:{الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، في الحميم ثم في النار يسجرون}[غافر: ٧٠ - ٧٢].
وذلك أنه في الآية الأولى لم يزد التهديد على ما ذكر، وهو قوله:{فستذكرون ما أقول لكم أما في الآيات التالية فإ التهديد يطول ويستمر إلى الآية ٧٦}، فلما طال التهديد، وازداد جاء بـ (سوف) التي هي أطول من السين، وأكثر توكيدًا.
وقد يكون المقام مقام إطالة فيؤتى بـ (سوف)، أو مقام إيجاز فيؤتى بالسين، وذلك لزيادة حروف الأولى على الثانية، فمن ذلك قوله تعالى:{إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا}[النساء: ٥٦]، وقوله:{والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}[النساء: ٥٧].
فجاء في الأولى بـ (سوف) وفي الثانية بالسين وذلك أن المقام يقتضي أن يكون كل