للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موضعه، فإن الآيات التي قيلت في الكافرين تسع آيات. تبدأ بقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [النساء: ٤٨ - ٥٦]، بخلاف آية المؤمنين، فإنها آية واحدة وهي الآية المذكورة، فجاء في مقام اللإطالة بـ (سوف) وفي مقام الإيجاز بالسين.

ونحوه قوله تعالى: {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيما} [النساء: ٧٤]. وقوله: {فأما الذين أمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل} [النساء: ١٧٥]. فأنت ترى أنه في الآية الأولى قال (فسوف نؤتيه) وفي الثانية قال: (فسيدخلهم في رحمة منه) وذلك للسبب نفسه، فإن الآية الأولى في سياق القتل والشهادة الذي يبدأ بالإيماء إلى الشهادة في قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول .. والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء: ٦٩].

ويستمر بالتحريض على القتال: {يأيها الذين أمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا} [النساء: ٧١]، وتستمر آيات القتال، ومقدارها عشر آيات، بخلاف آية المؤمنين فإنها آية واحدة وهي الآية المذكورة وتأتي بعدها آية المواريث.

فاقتضي المقام أن يؤتي بـ (سوف) الكثيرة الحروف في مقام الإطالة، والسين في مقام الإيجاز. وقد يكون القصد إظهار أن ما يدعدون به قريب فيؤتى لذلك بالسين وذلك نحو قوله تعالى: {سأصليه سقر} [المدثر: ٢٦]، وقوله: {سندع الزبانية} [العلق: ١٨]، وقوله: {سنفرغ لكم أية الثقلان} [الرحمن: ٣١]، فجاء بالسين للدلالة على أن ذلك قريب الوقوع وهو نظير قوله تعالى: {إنا أنذرناكم عذابا قريبًا} [النبأ: ٤٠]، وقوله: {أتي أمر الله فلا تستعجلوه} [النحل: ١].

فأنت ترى أنه يستعمل كلا منهما حسبما يقتضيه المقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>