من هذا القول يتبين أن زمن فعل الأمر كما يرى النحاة، هو الاستقبال، وقد يراد به دوام ما حصل.
والحق أن تحديد زمن فعل الأمر بما هو مذكور في هذا القول فيه نظر، إذ هو أوسع من ذلك.
١ - فقد يكون فعل الأمر دالا على الاستقبال المطلق، سواء كان الاستقبال قريبًا أم بعيدًا، فمن المستقبل القريب أن تقول مثلا (أغلق النافذة) و (افتح الباب) وكقوله تعالى: {فافعلوا ما تؤمرون}[البقرة: ٦٨]، وقوله:{فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين}[الحجر: ٩٤].
ومن البعيد قوله تعالى:{ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما}[الفرقان: ٦٥]، وقوله:{وآتنا ما وعدتنا على رسلك}[آل عمران: ١٩٤]، وكقولك:(رب ادخلني الجنة).
٢ - وقد يكون دالا على الحال وذلك نحو قوله تعالى:{ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم}[الدخان: ٤٨ - ٤٩]، فزم الذوق مصاحب لصب الحميم، ومثله قوله تعالى:{يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون}[الذاريات: ١٣ - ١٤]، فزمن الذوق هو زمن تعذيبهم في النار. ومثله قوله تعالى:{يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر}[القمر: ٤٨].
وهذا كله واضح في أنه للحال، ونحو ذلك أن تقول لمن لا يعلم ماذا خبئ لع، وماذا يراد به وهو يضحك ويصخب (أضحك قبل أن تبكي) ونحوه قوله تعالى: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا}[التوبة: ٨٢]، فالضحك للحال، والبكاء في الاستقبال.
٣ - الأمر الحاصل في الماضي، وذلك نحو قوله تعالى:{فلما دخلوا على يوسف آوي إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}[يوسف: ٩٩]، فقوله:(ادخلوا مصر) كان بعد دخولهم إياها فهو أمر يفيد المضي.