وقال:{ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى}[لقمان: ٢٢].
فقد جاء في الآيتين الأوليين بالفعل الماضي (أسلم) والأخيرة بالمضارع (يسلم) وذلك لأن (أسلم) في الآيتين الأوليين معناه الدخول في الإسلام، يدلك على ذلك في الاية الأولى موازنته باليهودية والنصرانية، قال تعالى قبل هذه الآية:{وقالوا لن تدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم}[البقرة: ١١١]، فرد عليهم الله بقوله [بلى من أسلم وجهه لله .. ] أي بلي من يدخل الجنة المسلم، وكذلك الآية الثانية.
في حين أن قوله:{ومن يسلم وجهه إلى الله.} معناه الخضوع والانقياد لله، وهو عمل يومي يفيد الاستمرار والتجدد، بخلاف الآيتين الأوليين اللتين معناهما الدخول في الإسلام.
وقال تعالى:{ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة}[النساء: ٩٢]، وقال:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها}[النساء: ٩٣].
فجاء في القتل الخطأ بالفعل الماضي، لأنه خطأ لا يتكرر، وهو قليل بخلاف القتل العمد هو الاصرار على قتل المؤمن، فقد جاء به بصيغة المضارع الدالة على الاستمرار والتجدد لأنه يتكرر وقوعه.
وقال تعالى:{ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا}[الإسراء: ١٩].
وقال:{ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤتها منها}[آل عمران: ١٤٥].
وذلك لأن إراد الآخرة أمر واحد، فجاء بالفعل الماضي بخلاف (إرادة الثواب)، فإن إرادة الثواب تتجدد، لأن الثواب يتجدد بخلاف الآخرى فإنها واحدة، وهذا السر في إنه قال (ومن أراد الآخرة) بالفعل الماضي، لكنه قال (ومن يرد ثواب الآخرة) بالمضارع.