للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتجدد ويكثر، وليس كذلك الكفر، فإن الكفر يحصل ابتداء ويبقى صاحبه عليه إلا إذا شاء الله، فالشكر عمل يومي متجدد بخلاف الكفر الذي هو الاعتقاد.

جاء في (تفسير الرازي) في هذه الآية: " قال في الشكر (ومن يشكر) بصيغة المستقبل وفي الكفران (ومن كفر فإن الله غني) وإن كان الشرط يجعل الماضي والمستقبل في معنى واحد كقول القائل: من دخل داري فهو حر، ومن يدخل داري فهو حر، فنقول فيه إشارة إلى أمر هو أن الشكر ينبغي أن يتكرر في كل وقت لتكرر النعمة، فمن شكر ينبغي أن يكرر، والكفر ينبغي أن ينقطع، فمن كفر ينبغي أن يترك الكفران، ولأن الشكر من الشاكر لا يقع بكماله، بل ابدا يكون منه شيء في العدم يريد الشاكر ادخاله في الوجود كما قال: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك} [النمل: ١٩]، وكما قال: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [النحل: ١٨]، فأشار إليه يصيغة المستقبل تنبيها على أن الشكر بكماله لا يوجد وأما الكفران فكل جزء يقع منه تام قال بصيغة الماضي (١).

وقال تعالى: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه} [البقرة: ٢٧٠]. وقال: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم} [البقرة: ٢٧٢].

وقال: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} [البقرة: ٢٧٢]. وقال: {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} [البقرة: ٢٧٣].

فإنه جاء في الاية الأولى بالفعل الماضي، (وما أنفقتم .. ).

والآيات الأخرى بالمضارع، وذلك لأن الآية الأولى إخبار بأن ما فعلته أو نذرته فقد علمه الله، أي ما حصل منك فقد علمه الله.

وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: ١١٢].


(١) التفسير الكبير ٢٥/ ١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>