للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاء بالشرط ماضيا (فإن لم تفعلوا) و (إن تبتم) وذلك لأنه خروج عن الربا والخروج عنه يكون دفعة واحدة، في حين قال:

{إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم} [التوبة: ٣٩]، فجاء الشرط مضارعا {إلا تنفروا} وذلك لأنه في الجهاد هو ماض إلى يوم القيامة، يتكرر حصوله فجاء في الربا بالفعل الماضي {فإن لم تفعلوا} وذلك لأن لم والمضارع يفيدان المضي، وجاء في الجهاد بالفعل المضارع.

ونحوه قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا اله واحد وإن لم تنهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [المائدة: ٧٣].

وذلك لأن الانتهاء هنا دفعة واحدة لكنه قال في الجهاد والتناصر بين المؤمنين {إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} [الأنفال: ٧٣].

فلما كان التناصر مستمرا متجددا، جعله بصيغة المضارع بخلاف ما قبله.

وقال: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير} [الأنفال: ٣٩].

وقال: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} [البقرة: ١٩٣].

فجاء بالفعل الماضي في الآيتين (فان انتهوا) وذلك لأن القصد هنا الانتهاء الكامل عن الحرب والدخول في الإسلام بدليل قوله {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وذلك يكون بالانتهاء الكامل، والكف التام عن القتال، لكنه قال: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد} [الأنفال: ١٩].

فقال (إن انتهوا) بخلاف الآيتين السابقتين وذلك لأن الانتهاء هنا ليس انتهاء عاما بل قد تتكرر الحروب بينهما بعد، كما حصل فعلا، فجاء بالمضارع للدلالة على التجدد، وهذه الآية نزلت بعد وقعة بدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>