للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أن يكون صدر هذا الكلام منه بعد رفعه إلى السماء أو يكون حكاية ما يقوله يوم القيامة، وعلى التقديرين فإنما تعلق الشرط وجزاؤه بالماضي ..

وليت شعري ما يصنعون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت الممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه) هل يقول عاقبل أن الشرط هنا مستقبل؟

وإنه لم يقصد أنه إن يثبت في المستقبل أنك أذنبت في الماضي فتوبي، ولا قصد هذا المعنى، وإنما المقصود المراد ما دل عليه الكلام: إن كان صدر منك ذنب فيما مضى فاستقبليه بالتوبة (١).

وهذا هو الحق، قال تعالى: {وإن كان كبر عليك اعراضهم فإن استطعت ان تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية} [الأنعام: ٥٥].

فهل المعنى: أن يثبت أنه كبر عليك إعراضهم؟

ونحوه قوله: {ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيت اللهف فعلي الله توكلت} [يونس: ٧١].فهل المعنى: أن يثبت في المستقبل أنه كان كبر عليكم مقامي؟

ونحوه قوله: {وإن كان طائفة منكم أمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا} [الأعراف: ٨٧].

ونحوه أن تقول لصاحبك: (إن كنت عاهدته على ذلك فافعل) وليس المقصود أن يثبت أنك عاهدته فافعل بل هو ماضي المعنى قطعا.

وربما دل الشرط على المضي بغير (كان).

جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وقد يستعمل الماضي في الشرط متحقق الوقوع، وإن كان بغير لفظ (كان) لكنه قليل بالنسبة إلى (كان) كقوله:


(١) بدائع الفوائد ١/ ٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>