به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا [البقرة: ٢٢٩ - ٢٣٠]. فجاء في ذلك بـ (إنْ) لأنه أندر حالات الطلاق، وهو الطلاق الثالث، ثم زواج المطلقة من شخص آخر ثم طلاقها منه، وقال بعد هذه الآية:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن}[البقرة: ٢٣١].
وقال:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن}[البقرة: ٢٣٢]. فإن هاتين الحالتين هما حالتا الطلاق العادي، بخلاف الحالتين الأوليين.
وقال:{وإن تعجب فعجب قولهم أءذا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد}[الرعد: ٥]، فإن صيرورتهم ترابا أمر محتوم، بخلاف العجب، فإن الأمور التي تستدعي العجب نادرة على العموم.
وقال:{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف}[البقرة: ١٨٠]، فجاء في حضور الموت بـ (إذا) لأنه واقع ولابد، وأما ترك الخير وهو المال فهو أقل فجاء معه بـ (إن).
وقال:{يأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .. وليملل الذي عليه الحق .. فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا}[البقرة: ٢٨٢]. فإن حالات الاستدانة أكثر من الحالة التي بعدها، وهي أن يكون المدين سفيها أو ضعيف العقل.
وقال:{فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}[النساء: ٢٥]، وهذا في الإماء، فإن كل أمة أو غير أمة تبلغ الإحصان، أي البلوغ، فجاء فيه باذا لأنه مقطوع بحصوله، أما إتيان الفاحشة فهو قليل فجاء فيه بـ (إن). يدلك على ذلك أيضا أن (إذا) على كثرة استعمالها في القرآن الكريم - فقد وردت في أكثر من ثلاثمائة وستين موضعا - لم ترد في موضع واحد غير محتمل الوقوع، بل هي كلها إما مقطوع بوقوعها، أو كثير الوقوع بخلاف (إنْ).