للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب قسم من النحاة إلى أنها باقية على ظرفيتها، غير أن (ما) كفتها عن الإضافة (١)، فإذا لم تنضم إليها (ما) لم تكن حرف جزاء (٢).

وأنا لا أرى حرفيتها، بل لا تزال ظرفا وأن زمانها لم يتغير، بل تخصص بـ (ما)، وذلك أن (إذ) للمضي كثيرا، وقد تكون للاستقبال، كقوله تعالى: {فسوف تعلمون إذ الأغلال في أعناقهم} [غافر: ٧٠ - ٧١]، وقوله: {وجائ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى} [الفجر: ٢٣]، بل هي قد تكون للاستقبال، مع دخولها على الفعل الماضي، وذلك نحو قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة} [مريم: ٣٩]، وهذا يكون يوم القيامة، فعند دخول (ما) عليها جعلتها شرطية، وخصتها بالاستقبال، وأما كفها عن الإضافة، فهذا أمر قاله النحاة بسبب أنهم يرون أن أداة الشرط لابد أن تكون مبهمة (٣). فإذا كانت موقتة أي معلومة لم تجزم، وهذا هو سبب عدم الجزم بإذا وذلك لأنها مضافة إلى ما بعدها، فتعرفت. أو تخصصت به، فليس فيها إبهام فلم تجزم.

جاء في (الكتاب): " وسألته عن (إذا) ما منعهم أن يجازوا بها؟

فقال: الفعل في (إذا) بمنزلة في (إذ)، إذا قلت (أتذكر إذ تقول) فـ (إذا) فيما يستقبل بمنزلة (إذ) فيما مضى، ويبين هذا، أن (إذا) تجئ وقتا معلوما، ألا ترى أنك لو قلت (آتيك إذا احمر البسر) كان حسا، ولو قلت: (آتيك إن احمر البسر) كان قبيحا، فـ (إنْ) أبدًا مبهمة، وكذلك حروف الجزاء، و (إذا) توصل بالفعل، فالفعل في (إذا) بمنزلته في: حين (٤).


(١) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٨١
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٤٣٢
(٣) انظر الأشباه والنظائر ١/ ٩٧
(٤) كتاب سيبويه ١/ ٤٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>