وقال تعالى:{ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون}[الأنبياء: ٤٥]، أي وإن تطاول الإنذار وتكرر، وأكد، بخلاف قوله تعالى:{ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين}[النمل: ٨٠]، فتوليتهم مدبرين، لا تحتاج إلى توكيد كالانذار.
وقال:{أث إذا ما وقع آمنتم به}[يونس: ٥١]، أي أنهم لا يؤمنون إلا إذا حل العذاب يقينا، لا حدسا، ولا تخمينا، ولا استنتاجًا يدل على ذلك سياق الآية، قال تعالى: قبل هذه الآية: {قل أريتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون، أثم إذا ما وقع آمنتم به آلان وقد كنتم به تستعجلون}[يونس: ٥٠ - ٥١].
وقال تعالى:{ليس على الذين أمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأمنوا ثم اتقوا وأحسنوا}[المائدة: ٩٣]، فزاد (ما) بعد (إذا) توكيدًا للتقوى، يدلك على ذلك تكرارها ثلاث مرات في الآية {إذا ما اتقوا .. ثم اتقوا وأمنوا ثم اتقوا وأحسنوا}.
وهكذا كل ما ورد واضح فيه معنى التوكيد.
وكذلك زيادتها بعد (إنْ) قال تعالى: {فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صوما}[مريم: ٢٦]، واحتمال الرؤية احتمال قوي جدًا، فأكدها وقت وقعت.
وقال:{قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما ياتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي}[طه: ١٢٣]، وهذا الكلام في آدم وإبليس، واحتمال إنزال الهدى، أي الرسالات السماوية مؤكد، فأكده وقد حصل.
وقال:{قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}[المؤمنون: ٩٣ - ٩٤].
واحتمال إراءته ما يوعدون احتمال قوى فأكده، وقد أراه الله ذلك فيما بعد في بدر وغيرها.
وهكذا سائر ما ورد من الآيات مما يدل على ان (ما) إنما زيدت للتوكيد، والله أعلم.