للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقديم الاسم على فعل الشرط

تقول العرب (إذاجاءك محمد فأكرمه)، وتقول: (إذا محمد جاءك فأكرمه)، قال تعالى: {إن ترك خيرًا الوصية} [البقرة: ١٨٠]، وقال: {إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك} [النساء: ١٧٦]، وقال: {إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار: ١ - ٢].

وهذا عند الجمهور من باب حذف فعل الشرط، الذي يفسره الفعل المذكور بعده، والتقدير: إن هلك امرؤ هلك، وإذا انفطرت السماء انفطرت، وذلك لأن أداة الشرط لا تليها إلا الأفعال (١).

وعند الكوفيين أنه مرفوع بالفعل بعده، وهو فاعل متقدم على فعله (٢). أو مبتدأ خبره ما بعده (٣).

إن تقدير الجمهور بعيد عن المعنى، مفسد لصحة الكلام، مؤد إلى ركة بالغة فيه، إذ ما الغرض من هذا الحذف، والذكر مع العلم بأن المفسر والمفسر لفظ واحد بعينه، لا يزيده إيضاحا ولا بيانا ولا تفسيرا؟ فلو كان المفسر يعطينا معنى زائدا على المفسر، وإيضاحا لم يكن فيه، لكان مقبولا، ولكن الفعل المذكور هو نفس المحذوف، فما الغرض إذن من الذكر والحذف؟

إن التفسير مقبول في نحو قوله تعالى: {وأسروا النجوي الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم} [الأنبياء: ٣]، فإنه فسر النجوى، ووضحها بقوله: (هل هذا إلا بشر مثلكم) وفي قوله: {هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم


(١) انظر شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٨٣، المقتضب ٢/ ٧٤، الهمع ٢/ ٦٦
(٢) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٨٣
(٣) انظر شرح ابن عقيل ٢/ ١١، حاشية الصبان ٢/ ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>