وأنفسكم} [الصف: ١٠، ١١] ففسر التجارة بقوله: {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}.
ولكن أين الإيضاح في قولنا:(إذا جاءك محمد جاءك فأكرمه)؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه بموجب هذا التقدير لا فرق بين قولنا (إذا جاءك محمد فأكرمه) و (إذا محمد جاءك فأكرمه) وقوله (إذا السماء انشقت) و (إذا انشقت السماء) فيكون تقديم الاسم وتأخيره واحدًا، ولا غرض لذلك سوى التقدير المفسد لجمال التعبير وفصاحته.
كان ينبغي للنحاة أن يقولوا: إنه قد يلى الفعل أداة الشرط في كلام العرب، نحو:{إذا جاءك المنافقون}[المنافقون: ١]، وقد يليها الاسم ثم فعل الشرط، نحو:{إذا السماء انفطرت}[الانفطار: ١]، والفرق بين التعبيرين في المعنى هو كذا وكذا. وهذا أمثل من التقدير الذي يفسد المعنى ويضيعه ويذهب بجمال الكلام وفصاحته.
وعلى أي حال فالمعنى في التعبيرين مختلف ولا شك.
وإن تقديم الاسم على فعل الشرط إنما هو للعناية والاهتمام الذي هو الغرض من التقديم عمومًا، وتختلف أوجه العناية هذه، فقد يكون التقديم للتخصيص، وهو أهم غرض للتقديم، وذلك نحو قولنا (إذا محمد جاءك فأكرمه) و (إذا جاءك محمد فأكرمه) فإن الجملة الأولى تفيد التخصيص، ومعناه أن الاكرام مختص بمحمد دون غيره، فإذا جاءك غيره فلا تكرمه، أما الثانية فهو طلب الاكرام لمحمد من غير تخصيص له به والمعنى أكرم محمدًا عند مجيئه، هو أي الخاطب، غير منهي عن إكرام غيره، وهو كقولنا (أكرم محمدا) و (محمدا أكرم) فإن في الثانية تخصيصا دون الأولى.
ومن هذا الباب قوله تعالى:{لو أنتم تملكون خزائن رحمةِ ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق}[الإسراء: ١٠٠].
جاء في (الكشاف) في هذه الآية: " إن (تملكون) فيه دلالة على الاختصاص، وإن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ، ونحوه قول حاتم، (لو ذاتُ سوار لطمتني)