للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في سورة النحل: {للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم، ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون} [النحل: ٦٠ - ٦١].

فالكلام في سورة يونس هو في آجال الأمم وحسابها يوم القيامة، فقد ذكر أن كل أمة إنما تدعي وتحاسب بأجلها المحدد لها، والمشركون ينكرون هذا ويسخرون منه قائلين، {أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد} [ق: ٣]، ويقول بعضهم لبعض: {هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} [سبأ: ٧] وفي هذا الموطن أيضا يسخرون قائلين: {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: ٤٨]، فأنكارهم هذا يستدعي التوكيد، ولذا قال بعد هذه الآيات: {ويستنبئونكأحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين} [يونس: ٥٣]، فيأمر الرسول أن يقسم لهم على ذلك، فموطن التوكيد واضح في آية يونس، بخلاف المواطنين الآخرين.

أما آية الاعراف فإذا ذكر الأجل يأتي فيها عرضا كما هو ظاهر من السياق.

وآية النحل كذلك، فإنها جاءت تعليقا على معتقدهم بأن الملائكة بنات الله مع أنهم يكرهونهن لأنفسهم، قال: {ويجعلون الله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} [النحل: ٥٧ - ٥٩]، فرد الله عليهم بقوله: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} [النحل: ٦٠].

ثم قال: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم .. الآية} [النحل: ٦١]، أي أن هؤلاء ظلموا وجاروا في قولهم فنسبوا إلى الله ما لا يليق به، فلو يؤاخذهم بذلك لعجل لهم العذاب، ولكنه يؤخرهم إلى أجل مسمى لا يتعدونه، ثم يعود بعد هذه الآية إلى حكاية معتقدهم الباطل، فيقول: {ويجعلون لله ما يكرهون} أي البنات لأنهم يكرهونهن، كما حكي عنهم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>