فلا يسن وضع (إذا) في المواطن التي يذكرها النحاة، إذا لم يكن الموطن صالحًا للمفاجأة.
إن الفاء تفيد السبب، ولا تفيد المفاجأةن وهناك فرق بين السبب والمفاجأة، ألا تحس فرقا في المعنى بين قوله {وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} والقول (فهم يسخطون)؟ ألا ترى أن في الأول سرعة تغير ومفاجأة في الموقف، وأما الثاني فسبب محض وليس فيه معنى المفاجأة.
تقول:(من سلم فله الجنة)(ومن فتن المؤمنين في دينهم فله عذاب شديد) فالفاء أفادت السبب ولم تفد المفاجأة والسرعة، فالعذاب قد يكون في الآخرة.
وعلى هذا فإن (إذا) لا تغني عن الفاء، ولا الفاء تغني عن (إذا) ـ، بل لكل منهما غرض ومعنى.
قالوا: " وقد يجمع بين الفاء وإذا الفجائية تأكيدًا، خلافا لمن منع ذلك، قال تعالى:{فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا}[الأنبياء: ٧٩].
قال الزمخشري:(إذا) هذه هي الفجائية وقد تقع في المجازاة سادة مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها، تعاونتا على وصل الجزاء، فيتأكد ولو قيل: إذا هي شاخصة، أو (فهي شاخصة) كان سديدًا. أهـ (١).
ولا شك أنه قد يجمع بينهما كما ورد في القرآن الكريم، ولكن ليس توكيدا إذ ليسا هما بمعنى واحد، حتى يفيد اجتماعهما التوكيد، بل لجع معني الفاء و (إذا) فيراد باجتاعهما السببية والمفاجأة، قال تعالى:{حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين}[الأنبياء: ٩٦ - ٩٧]، فجمع بين الفاء و (إذا) لإرادة معنى السبب والمفاجأة، وليس حذف أحدهما يغني الآخر عن ذكره، كما هو ظاهر كلام الزمخشري، بل إذا حذف أحدهما لم يؤد الآخر معناه، والله أعلم.