وأما ما ذكره صاحب البرهان، فلا أراه ينهض دليلا على رد ابن السراج، فهناك فرق بين القولين، فقولهم (له علي عشرة إلا درهما) جملة واحدة، والجملة الواحدة، تؤخذ بكل قيودها، وأما (أجيئك إن جئتني) فجملتان.
وأيا كان الأمر فإنه يبدو على كل حال، أن الحدث المتقدم آكد وأكثر تحقيقا من المتأخر، فعلى ما ذكره ابن السراج أن الكلام مبني على الوعد واليقين، ولم يبن على الشرط ولو بناه على الشرط لجزمه.
وعلى مذهب الكوفيين أن هذا مقدم من تأخير فقدم للاهتمام والعناية، ومعنى ذلك أن حدوثه آكد وأقوى. وأما إذا اكتنفه ما يدل عليه، نحو قولنا (أنت إن درست ناجح) فالشرط في نحوه اعتراض من غير شك، فأنت بنيت كلامك على اليقين، ثم اعتراضك الشرط قبل أن تتم الكلام، ونحوه (حمد ظننت مسافر) فإنك أردت أن تخبر عن سفر محمد باليقين ثم اعتراضك الظن.
وعلى هذا نحن نقول:
إن درست فأنت ناجح
أنت إن درست ناجح
أنت ناجح إن درست
فالجملة الأولى مبنية على الشرط ابتداء، والثانية مبنية على اليقين، والشرط معترض، والثالثة مبنية على اليقين، حتى إذا مضى الكلام على اليقين، أدركك الشرط، فاستأنفته في الكلام، فالنجاح في الجملة الأخيرة آكد، لأن الأخبار مضى على اليقين، أما الشرط فمتأخر، ثم الثانية لأن الشرط اعترض الخبر، ثم الأولى، لأن الكلام فيها مبني على الشرط ابتداء.