للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكد لهم العذاب بسبب فتنتهم المؤمنين عن دينهم.

ويحتمل أن يكون حذف الفاء من أصحاب الجنة إشارة إلى أن دخول الجنة ليس بالعمل وحده، بل هو برحمة من الله، وفضل كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لأن العمل الصالح لا يبلغ أن يكون مقابلا للجنة، فيكون دخولها برحمة الله واقتسامها بالعمل، قال صلى الله عليه وسلم: " لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل، فحذف الفاء في أهل الجنة، لأنها ليست السبب للدخول وجاء بها في أهل النار، لأن أعمالهم هي السبب في دخولها والله أعلم.

وأما قوله تعالى: {إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: ٦]، فإنه ورد بالفاء، لأن الإيمان والعمل الصالح هما سبب الأجر، فالفرق بين هذه الآية، والتي قبلها، أن تلك في الجنة والعمل ليس مقابلا للجنة، وهذه في الأجر وهو سبب له، والله أعلم.

ولا يقتصر التشبيه بالشرط على الاسم الموصول، بل النكرة الموصوفة إذا كانت صفتها جملة فعلية، أو ظرفا بشرط قصد العموم، فقد تتضمن معنى الشرط، ويكون في جوابها الفاء نحو (كل رجل يأتيني فله دينار) و (كل رجل في الدار فله درهم) (١). و (رجل يسألني فله أجر) و (رجل في المسجد فله بر) (٢).

وكذلك المبتدأ أو اسم (أن) إذا كان معرفة موصوفا بالاسم الموصول نحو قوله تعالى: {والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح} [النور: ٦٠]، وقوله: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} [الجمعة: ٨]، (السعي الذي تسعى فستلقاه) (٣).

وغير ذلك (٤).


(١) المفصل ١/ ٨٠، وانظر كتاب سيبويه ١/ ٤٥٣
(٢) انظر شرح الأشموني ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥
(٣) انظر الهمع ١/ ١٠٩، شرح الأشموني ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥
(٤) انظر الهمع ١/ ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>