للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن يدفع عن السامع ظنه بالمتكلم الغلط: فإذا كان المتكلم ظن أن السامع يعتقد أن المتكلم قد غلط في ذكر اللفظ، فقد ذكر (خالدًا) مثلا وهو يريد (محمدًا) فلابد من أن يكرر اللفظ ليزيل هذا الظن من ذهن السامع، ولا ينفع هنا التوكيد المعنوي أيضا وذلك كما إذا قلت لمحدثك (زارنا خالد الليلة) ثم سبق إلى ظنك أن المخاطب يعتقد أنك غلطت في ذكر خالد، وأنك تاعني (محمدًا) لأسباب كأن يظن أن خالدًا لا يزورك، أو هو غير موجود في البلد، أو نحو ذلك، فلابد لرفع هذا الوهم من التكرار اللفظي.

جاء في (شرح الرضي على الكافية): " فإذا قصد المتكلم أحد هذين الأمرين فلابد أن يكرر اللفظ الذيظن غفلة السامع عنه، أو ظن أن السامع ظن به الغلط فيه، تكريرًا لفظيا نحو (ضرب زيد زيد) و (ضرب ضرب زيد) ولا ينجح ههنا التكير المعنوي، لأنك لو قلت (ضرب زيد نفسه) فربما ظن بك أنك أردت (ضرب عمرو) فقلت (نفسه) بناء على أن المذكور (عمرو).

وكذا إن ظننت به الغفلة عن سماع لفظ (زيد) فقولك (نفسه) لا ينفعك، وربما يكرر غير المنسوب والمنسوب إليه، لظنك غفلة السامع أو لرفع ظنه بك الغلط، أما في الحرف نحو (أن أن زيدًا قائم) أو في الجملة نحو قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرا} [الشرح: ٥ - ٦] (١).

وليس من ذلك ما ذكره الرضي في قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} [الإنشراح: ٥ - ٦]، إذ لا يريد الله سبحانه من التكرير رفع غفلة السامع، ولا دفع ظن الغلط عن نفسه، تعالى الله عن ذلك، وإنما هو لتقوية الحكم وتمكينه في نفوس المؤمنين وتطمينهم به.

٣ - الغرض الثالث أن يدفع المتكلم ظن التجوز: فقد يذكر المتكلم حكما فيظن السامع أن المتكلم لم يقصد الحكم حقيقة، وإنما أراده تجوزًا ومبالغة، فيكرر اللفظ


(١) شرح الرضي على الكافية ١/ ٣٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>