للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإزالة هذا الظن، وليثبت في ذهنه أن الحكم كما ذكر ليس فيه تجوز، وذلك كما إذا قلت (عدا الأمير) فربما ظن السامع أن الأمير مشي سريعًا، فسميته عدوًا فلابد في نحو هذا من إزالة التجوز تكرير اللفظ، أو بالمجيء بالمصدر، فتقول (عدا عدا الأمير) أو (عدا الأمير عدوا) جاء في (شرح الرضي على الكافية): " والغرض الثالث أن يدفع المتكلم عن نفسه ظن السامع به تجوزًا وهو ثلاثة أنواع:

أحدهما: أن يظن به تجوزًا في ذكر المنسوب، فربما تنسب الفعل إلى شيء مجازًا وأنت تريد المبالغة لا أن عين الفعل منسوب إليه، كما تقول (قتل زيد) وأنت تريد (ضرب ضربًا شديدًا) أو تقول (هذا باطل) وأنت تريد (غير كامل) فيجب أيضا تكرير اللفظ حتى لا يبقى شك في كونه حقيقة، نحو قوله عليه السلام: (أيما امرأة نكحت بغير أذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل) (١).

٤ - وقد تكون المقصود تقوية الحكم وتمكينه في ذهن السامع وقلبه، كما في قوله تعالى: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}.

٥ - وقد يكون للتهويل والتعظيم، وذلك نحو قوله تعالى: {وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين} [الانفطار: ١٧ - ١٨]، فقد كرر الآية لتهويل ذلك اليوم، وتفخيمه ومثله: {كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون} [التكاثر: ٣ - ٤]، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا أخبركم بأكبر الكبائر) فعد من ذلك الشرك بالله وعقوق الوالدين، قال الراوي: وكان متكئا فجلس فقال: (ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور) وظل يكررها حتى قلنا: ليته سكت أو كما قال فهنا التكرار قصد به تفظيع أمر شهادة الزور.

٦ ٦ - ثم إن طال الكلام وخشى المتكلم على السامع نسيان أوائل الكلام كرر له اللفظ ليجعل ذلك اللفظ قائمًا في نفسه متمكنًا من ذهنه، لئلا ينسيه ذلك طول الكلام، وذلك نحو قولك: (لا تظني أنني إذا ذهبت إلى قوم في امر وردوني ردًا غير جميل،


(١) شرح الرضي على الكافية ١/ ٣٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>