للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} [الأعراف: ٨٨]، فهل في قوله تعالى: {أو لتعودن في ملتنا} قسم؟ وهل يستقيم الكلام إذا قلت: والله لتعودن في ملتنا؟ وهل يدل ذلك على المعنى المراد؟ وكذلك قوله تعالى: {ثم بدا لهم من بعدا ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين} [يوسف: ٣٥]، فمن هذا الذي أقسم على ذلك؟

وهل نحس في هذا معنى القسم؟ أفيصح التقدير: ثم بدا لهم من بعد ما رأو الآيات والله ليسجننه حتى حين؟ أترى أن ذلك موافق للمعنى؟

ونحوه قوله تعالى: {وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى} [التوبة: ١٠٧]، فهذا على مقتضي قول النحاة حلف على الحلف، لأن (ليحلفن) عندهم جواب لقسم مقدر، وهو حلف أيضا جوابه إن أردنا إلا الحسنى.

ونحوه قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين} [الإسراء: ٤]، فإن هذا ليس حلفا بل وعدا وحسب والله أعلم.

والحق أن هذا توكيد للإثبات فقط، وليس بقسم، فإنك كما تؤكد الأمر والنهي والاستفهام، والنفي بالنون، تؤكد الأثبات، وذلك نحو قوله تعالى: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: ١٠٢]، وقوله: {هل يذهبن كيده ما يغيظ} [الحج: ١٥]، وقوله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال: ٢٥]، وإلا فكيف نؤكد الأثبات من دون قسم إذا أردنا ذلك؟

ألا ترى أننا نؤكد الجملة الإسمية المثبتة من دون قسم، فنقول: (إن محمدًا قادم) و (أنه لقادم) وكذلك يقتضي القياس أن نؤكد الجملة الفعلية من دون قسم، نحو (لأذهبن إليه) و (لقد ذهبت إليه).

وليس كل ما يصلح أن يقع جوابًا لقسم يكون جوابا للقسم بالضرورة، ألا ترى أن النحاة لا يقولون أن قولنا: (لا أذهب إليه) جواب قس مع أنه يصح أن يقع جوابًا للقسم فتقول (والله لا أذهب إليه). قال تعالى: {فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>