ذا قربى} [المائدة: ١٠٦]، فلماذا يكون المثبت جوابا للقسم دائما، ولا يكون النفي كذلك؟ فإننا نقول في الاثبات (والله لأذهبن إليه) ونقول في النفي: (والله لا أذهب إليه) فالثانية نفي للأولى فلماذا يجعلونها في المثبت قسما دائمًا، ولا يجعلونها في النفي كذلك؟ ألا ترى أنه تمحل فحسب؟
ومثل ذلك ما فيه اللام التي يسمونها موطئة فهي ليست قسما فيما أرى بل هي لزيادة التوكيد فحسب، فليس ثمة قسم فيما أحسب في قوله تعالى:{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}[الزخرف: ٨٧]، إذ هو لا يحتاج إلى قسم فيما يبدو، ومثله قوله:{لئن أكله الذئب ونحن عصبة}[يوسف: ٦٤]، وقوله:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب}[التوبة: ٦٥].
وهل في قوله:{ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله}[العنكبوت: ٦٣]، قسم؟ وهل هو في حاجة إلى قسم؟
إن هذا زيادة في التوكيد فحسب، فما جاءت فيه اللام الموطئة مع الشرط آكد مما لم تكن فيه اللام فقولك (لئن جاءني لأكرمنه) آكد من قولك (إن جاءني لأكرمنه) بإضمار اللام، وآكد منهما القسم الصريح، فإذا قلت (والله إن جاءني لأكرمنه) كان آكد من قولك (إن جاءني لأكرمنه) أو (لئن جاءني لأكرمنه) يدلك على ذلك الاستعمال القرآني.
قال تعالى:{وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين}[هود: ٤٧]، من دون توكيد وقال:{وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين}[الأعراف: ٢٣].
وقال:{لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين}[الأعراف: ١٤٩]، بتوكيد الجواب وباللام الموطئة قبل الشرط.
فالثالثة آكد من الثانية، والثانية آكد من الأولى، ويدلك على ذلك السياق، قال تعالى: في سياق الآية الثالثة: {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين}[الأعراف: ١٤٩].