وضلالا أكده بالنون وباللام الموطئة، فالخسران إنما يكون على قدر المعصية ولاشك.
ونحو ذلك قوله تعالى:{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصاري حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}[البقرة: ١٢٠]، فجاء باللام الموطئة، في حين قال:{ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}[الأنعام: ١٢١].
فقال في الأولى:{ولئن اتبعت أهواءهم}، وقال في الثانية:{وإن أطعتموهم}. فأكد الأولى باللام الموطئة، أما الثانية فلم يذكر فيها اللام، وذلك لأن الأولى تستدعي قدرا زائدًا من التوكيد، فإنها تحذير لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ملة الإسلام وأتباع اليهود، أو النصارى وهو من أكبر المعاصي، إذ كيف يصح من رسول يتنزل عليه الوحي من ربه أن يترك أمر الله إلى ملة أخرى لا يرضاها ربه؟ فأحتاج ذلك إلى قدر من الوعيد أكبر.
وأما الثانية فهي في الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه، وقد جاء الشرط تعقيبًا على ذلك، فأنت ترى أن المعصية الأولى أكبر وأكبر لأنه تحذير من انسلاخ رسول من رسل الله ينزل عليه الوحي عن الدين الذي ارتضاه له ربه وأتباع ملة ضالة، فأحتاج ذلك إلى قدر من التوكيد أكبر.
فإن سبق الكلام بقسم صريح، كان آكد لأنك بدأت بذكر ما تعظمه، قاطعًا على نفسك أنك ستفعل أو لا تفعل، وقد ذكرت هذا المعظم تقوية للعهد والميثاق، ففي القسم الصريح توكيد وزيادة بخلاف ما لم يذكر فيه القسم الصريح.
وعلى أية حال فإن القسم الصريح يختلف عن المؤكد بالنون، أو باللام الموطئة من نواح أهمها:
١ - إن ما ذكر فيه القسم الصريح آكد مما لم يذكر فيه القسم صراحة، وذلك لأنه توكيد وزيادة كما أسلفنا.