للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أن (لا) في نحو هذا لا تدخل إلا على النكرات، فلا تقول (جئت بلا السلاح) أي (بغير السلاح)، وأما (غير) فتدخل على المعارف والنكرات، وذلك كقوله تعالى: {فاستكبروا في الأرض بغير الحق} [فصلت: ١٥].

وسنعرض للخلاف بين (لا) و (غير) في بحث (غير) إن شاء الله تعالى:

ومن أقسام (لا): المقترنة بحرف العطف، نحو (ما أقبل محمد ولا خالد) ويسميها النحاة زائدة، لأنها إذا أسقطت بقي معنى النفي، فإذا قلت (ما أقبل محمد وخالد) نفيت إقبالهما جميعًا، غير أن المعنى يختلف في ذكرها عنه في إسقاطها، فإذا اسقطتها احتمل المعنى نفي إقبالهما على كل حال مجتمعين أو متفرقين، واحتمل المعنى أيضا أنهما لم يقبلا مجتمعين، بل أقبل كل منهما على انفراد، فإذا جئت بـ (لا) صار الكلام نصا على المعنى الأول.

جاء في (المغني): " وكذلك (لا) المقترنة بالعاطف في نحو (ما جاءني زيد ولا عمرو) ويسمونها زائدة، وليست بزائدة البتة، ألا ترى أنه إذا قيل (ما جاءني زيد وعمرو) احتمل أن المراد نفي مجي كل منهي على كل حال، وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بـ (لا) صار الكلام نصا في المعنى الأول.

نعم هي في قوله سبحانه: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: ٢٢]، لمجرد التوكيد وكذا إذا قيل: لا يستوي زيد ولا عمرو (١).

وجاء في (بدائع الفوائد) في قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} أن المراد من زيادة (لا) " المغايرة الواقعة بين النوعين وبين كل نوع بمفرده، فلو لم يذكر (لا) وقيل (غير المغضوب عليهم والضالين) أو هم أن المراد ما غاير المجموع المركب من النوعين، لا ما غاير كل نوع بفرده، فإذا قيل (ولا الضالين) كان صريحا في أن المراد صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء، وبيان ذلك أنك إذا قلت (ما قام زيد وعمرو).


(١) المغني ١/ ٢٤٥، وانظر الأشباه والنظائر ١/ ٢١٢ - ٢١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>