للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحو هذا قوله تعالى: {وهل نجزي إلا الكفور} [سبأ: ١٧]، فإن عرض المسألة بصيغة النفي معناه أن المتكلم يقررها ابتداء، وإن عرضها بصورة الاستفهام معناه أن المخاطب هو الذي يصدر الحكم، فإذا قلت مثلا (ما نعاقب إلا المعتدي) كنت أنت الذي ذكرت الأمر وقررته بنفسك، ولكن إذا قلت (هل يعاقب إلا المعتدي؟ ) فأنت تريد منه الجواب، تريد منه أن يصدر الحكم، على نفسه هو، فهناك فرق واضح بين الأمرين.

١٠ - أنها تأتي بمعنى (قد) بخلاف الهمزة وجعلوا منه قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} [الإنسان: ١] (١).

وقد احتلفوا في تقريرها هذا المعنى.

فقد ذكر سيبويه أنها بمنزلة (قد) قال: " وكذلك (هل) إنما تكون بمنزلة (قد) ولكنهم تركوا الألف إذ كانت (هل) لا تقع إلا في الاستفهام (٢). يعني أن أصل الاستعمال (أهل) ولكنهم تركوا ألف الاستفهام لأن (هل) لا تقع إلا في الاستفهام.

وذهب الزمخشري إلى أنها بمعنى (قد) على معنى التقدير والتقريب، جاء في الكشاف في قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر}: " هل بمعنى قد، في الاستفهام خاصة، والأصل (أهل) بدليل قوله: أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم

فالمعنى (أقد) على التقرير والتقريب جميعا، أي أتى على الإنسان قبل زمان قريب حين من الدهر (٣).


(١) انظر لهذه المعاني مغني اللبيب ٢/ ٣٤٩ - ٣٥٣، الهمع ٢/ ٧٧ - ٧٨، شرح الرضي على الكافية ٢/ ٤٣٠ - ٤٣٢، جواهر الأدب ١٦٨، الإيضاح للقزويني ١٣٢، شرح المختصر للتفتازاني ٩١
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٤٩٢
(٣) الكشاف ٣/ ٢٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>