للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠ - أن الهمزة تكون للإنكار بخلاف (هل)، وقد مر بنا هذا في باب الهمزة وذلك نحو قوله تعالى: {أتعبدون ما تنحتون} [الصافات: ٩٥]، وكقوله لمن ضرب أخاه: أتضربه وهو أخوك؟ فليس المقصد هو الاستفهام الحقيقي، بل المقصود توبيخ المخاطب على فعله والإنكار عليه، فهذا الضرب من الاستفهام مخصوص بالهمزة ولا يصح بـ (هل).

جاء في (المغنى): " وقد يكون الإنكار مقتضيا لوقوع الفعل .. وذلك إذا كان بمعنى: ما كان ينبغي لك أن تفعل نحو: أتضرب زيدًا وهو أخوك؟ (١). وذكر أن هذا النوع من الإنكار مختص بالهمزة.

وقال سيبويه: وذاك أن (هل) ليست بمنزلة ألف الاستفهام، لأنك إذا قلت (هل تضرب زيدًا) فلا يكون ان تدعي أن الضرب واقع، وقد تقول: (أتضرب زيدًا) فأنت تدعى أن الضرب واقع، ومما يدلك على أن الألف ليست بمنلزتها أنك تقول:

أطربا وأنت قنسري

فقد علمت أنه قد طرب، ولكن قلت لتوبخه، أو تقرره، ولا تقول هذا بعد (هل) (٢). فهو يبين أنك إذا قلت (أتضرب زيدًا؟ ) فمعناه ان الضرب واقع، وأنت تنكر عليه ضربه، ونحوه قوله (أطربا وأنت قنسري) فالشاعر ينكر عليه طربه، وذلك يقتضي أنه طرب فأنكر عليه طربه، ثم ذكر أن ذلك لا يكون بـ (هل).

فالفرق بين قولك (أتضرب محمدًا)؟ و (هل تضرب محمدًا) أن الضرب في الأولى واقع، وأنت تنكر عليه ضربه له، وأما الثانية فهي استفهام محض، أي: (أستضرب محمدًا؟ ولا يدل على أن الضرب واقع.

١١ - وهناك فارق آخر بين الهمزة و (هل)، فقد ذكر أنه يستفهم بالهمزة إذا هجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه، بخلاف (هل) فإنه لا ترجح عنده بنفي ولا إثبات،


(١) المغني ٢/ ٣٥١
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٤٨٥ - ٤٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>