للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن جعلتها اسما واحدا أبدلت بالنصب، فقلت (ماذا صنعت أخاتما أم سوارا) وذلك لأن (ماذا) مفعول به مقدم، محله النصب والبدل من المنصوب منصوب.

وجوابها مختلف أيضا، فالأصل في جواب الأولى أن يكون: الذي صنعته سوار وجواب الثاني أعني المركبة (صنعت سوارا) وكذلك إذا قلت (ماذا تفقد؟ ) على غير معنى التركيب، فإن جوابه (الذي أفقده كتاب) لأن معنى السؤال: ما الشيء الذي تفقده؟

وعلى معنى التركيب: (أفقد كتابا) لأن المعنى: أي شيء تفقد؟ فهما عبارتان مختلفان.

وههنا يبرز سؤال، وهو: ما الفرق في المعنى بين (ماذا) و (ما)؟ ما الفرق مثلا بين قولك (ماذا فعلت؟ ) و (ما فعلت؟ )

الذي يبدو أن الفرق بينهما من ناحيتين:

الأولى: إن (ذا) تفيد التنصيص على الاستفهام فيما يحتمل الاستفهام وغيره، وذلك كقوله تعالى: {فأروني ماذا خلق الذين من دونه} [لقمان: ١١]، فإن (ذا) أفادت التنصيص على الاستفهام ولو حذفت لاحتمل المعنى الاستفهام والموصولية، أي فأروني الذي خلقه الذين من دونه، ألا ترى أنك إذا قلت، (أنا أعلم ما تريد) يحتمل الخبر والاستفهام، ولو قلت (ماذا) أفادك الاستفهام نصا؟

الناحية الثانية: إن في (ماذا) قوة ومبالغة في الاستفهام، ليست في (ما) ففي قولنا (ماذا فعلت) قوة ليست في (ما فعلت)؟ ولعل ذلك يعود إلى زيادة حروفها.

قال تعالى: {يسئلونك ماذا ينفقون} فجاء بـ (ماذا) وهذا يدل على المبالغة في الاستفهام ولذلك، والله أعلم، كرر السؤال مرتين، فقال: {يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل} [البقرة ٢١٥]، ثم قال: {ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون} [البقرة: ٢١٩]، فمرة أجاب عن السؤال ببيان أوجه الاتفاق المشروعة، ومرة أجاب عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>