بنوع المال االذي ينفق، فكرر السؤال مرتين، وأجاب عنه مرتين لأهمية السؤال، ولذا جاء به بـ (ماذا) بدل (ما).
ونحوه قوله تعالى على لسان فرعون بعد أن عجز عن مواجهة موسى عليه السلام بالحجة فقال:{إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون}[الشعراء: ٣٤ - ٣٥]، فجاء بـ (ماذا) للدلالة على المبالغة في الاستفهام، وذلك لأن الموقف يتطلب جوابا يخلصه من مواجهة موسى وتحديه، فإن موسى يهد الوهية فرعون وتجبره، بخلاف قوله تعالى مثلا:{قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا}[يوسف: ٦٥]، فجاء بـ (ما) دون (ماذا) لأن الموقف لا يتطلب ذاك.
ولذا يؤتى بماذا في مواقف التحدي والقوة قال تعالى:{قل أرءيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله اروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا}[فاطر: ٤٠]، فهو يتحدى المشركين تحديا لا يمكنهم الافلات منه فيقول لهم: هؤلاء شركاؤكم أروني ماذا خلقوا من الأرض؟ اذكروا لي شيئا خلقوه، وإن هان وحقر، فجاء بـ (ماذا) في التحدي، وهو أبلغ وأقوى من (ما) وحدها يدلك على ذلك السياق.
ويوضح ذلك أيضا قوله تعالى في سورة الصافات على لسان إبراهيم عليه السلام:{إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون}[الصافات: ٨٣ - ٨٧]. وقوله في سورة الشعراء:{قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين}[الشعراء: ٦٩ - ٧١].
فجاء في الأولى بـ (ماذا): (ماذا تعبدون) وفي الثانية بما (ما تعبدون)، وذلك لأن الأولى موقف تحد ظاهر، ومجابهة قوية، بخلاف الثانية، يدلك على ذلك السياق، فإن المقام في الأولى ليس مقام استفهام، وإنما هو مقام تقريع، ولذلك لم يجيبوه عن سؤاله، بل مضى يقرعهم بقوله:{أئفكا آلهة دون الله تريدون}.