لأن مؤلف المفصل واحد هو الزمخشري، ومؤلف لسان العرب واحد هو ابن منظور، لكن يصح أن تقول:(نعم المؤلف الزمخشري) لأن المؤلف جنس، ولا يصح كذلك أن تقول:(نعم الخليفة بعد أبي بكر عمر) لأن الخليفة بعد أبي بكر واحد، ولكنك تقول (نعم الخليفة عمر، ولا تقول: (نعم الرشيد هرون) ولا (نعم الجاحظ عمرو بن بحر) ولا (نعم المبرد محمد بن يزيد) ألا إذا قصدت الوصف، وكان المقصود بالرشيد من اتصف بالرشد، والمقصود بالجاحظ من اتصف الجحظ، عمومًا وبالمبرد من اتصف بالتبريد.
ثم ألا ترى أنك لا تقول (نعم الهلال هذا) ولا (نعمت الشمس هذه) لأن ليس هناك جنس تخصه من بينها، إلا إذا أردت مدح حال من أحوالها كأن تكون الشمس مشرقة، أو دافئة ونحو ذلك.
فاتضح بهذا أن فاعل (نعم)، و (بئس) جنس، و (آل) فيه جنسية، وأما المخصوص بالمدح والذم فقد يكون فرعا من هذا الجنس، وقد يكون فردًا تقول:(بئس الحيوان الذئب)، فأنت ذممت جنس الذئب من بين جنس الحيوان، فـ (الحيوان) عام، و (الذئب) خاص منه، وتقول (بئس الرجال عبيد الشهوات) فـ (الرجال) جنس عام، و (عبيد الشهوات) جزء منهم، وتقول (نعم العبد خالد) فـ (العبد) عام و (خالد) واحد من هذا الجنس. فتبين من هذا أن الفاعل أعم من المخصوص دائما وليس العكس فلا تقول (نعم الماء الشراء) ولا (بئس الذئب الحيوان).
وليس المقصود من هذا التعبير أنك تمدح الجنس كله، ثم تخص فردا أو قسما منه بالذكر فتكون قد مدحته مرتين، ولا المقصود اجتماع خصال الجنس في الممدوح، فيكون هو الجنس مبالغة، وإنما المقصود تخصيص شيء من بين الجنس بالمدح، فقولك (نعم الشراب الماء) ليس المقصود منه أنك تمدح الشراب كله، ثم تخص الماء منه بالذكر فتكون قد مدحته مرتين، وإنما المقصود أن تمدح الماء من بين الشراب، وكذلك قولك (نعم الرجل خالد) فليس المقصود منه مدح الجنس كله وتخصيص خالد بالذكر