للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأويل ذلك: هذا أقل بغضا وأقل شرًا وأهون صعوبة وأقل قبحًا (١).

قال تعالى: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًا وأحسن مقيلا} [الفرقان: ٢٤]، وليس ثمة اشتراك في الخير بين المستقرين، فليس عند أصحاب النار خير، بل هو شر محض.

ومن هذا القبيل ما يستعمل في التهكم نحو قولك (هو أخطب من الأخرس) و (هو أنطق من الجدار وأعلم من الحمار) فليس ثمة مشاركة بين المفضل والمفضل عليه في أصل الوصف، ولكنه يراد بذلك التهكم لأنه يعلم أن الصفة منتفية عن المفضل عليه أصلا.

جاء في (شرح الكافية) للرضي: " ويقال في التهكم (أنت أعلم من الحمار) فكأنك قلت: أن أمكن أن يكون للحمار علم فأنت مثله مع زيادة، وليس المقصود بيان الزيادة بل الغرض التشريك بينهما في شيء معلوم انتفاؤه عن الحمار" (٢).

وقد يكون التفضيل على وجه آخر، وهو أن تفضل شيئا في كمال اتصافه بصفته على شيء آخر متصف بصفة أخرى، مغايرة لتلك الصفة كقولهم (العسل أحلى من الخل) وليس الخل مشاركًا للعسل في الحلاوة، وإنما المعنى أن اتصاف العسل بالحلاوة أكثر من اتصاف الخل بالحموضة، ومنه قولهم (الصيف أحر من الشتاء) أي أن اتصاف الصيف بالحرارة أشد من اتصاف الشتاء بالبرودة.

جاء في (كليات أبي البقاء): " وقد يستعمل (أفعل) لبيان الكمال والزيادة في وصفه الخاص، وإن لم يكن الوصف الذي هو الأصل مشتركا، وعليه قولهم (الصيف احر من الشتاء) أي الصيف أكمل في حرارته من الشتاء في برودته (٣).


(١) الهمع ٢/ ١٠٤
(٢) شرح الرضي ٢/ ٢٣٩، وانظر الكليات أبي البقاء ٣٩
(٣) كليات أبي البقاء ٣٩، وانظر الهمع ٢/ ١٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>