للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن هذا واحد من الأسباب التي تدعو إلى تكرار الاسم الموصول، وليس هو السبب الوحيد، وهناك أسباب أخرى للتكرار منها:

أنه إذا كان الموطن دالاً على التفصيل والإحاطة كرر الاسم الموصول بخلاف ما إذا كان الكلام مجملاً غير مفصل، وذلك نحو قوله تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعًا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكن من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم} [المجادلة: ٦ - ٧].

فكرر (ما) قائلا (يعلم ما في السموات وما في الأرض) وذلك لأن الموطن موطن إحاطة وتفصيل بخلاف قوله تعالى: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السماوات والأرض والذين أمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: ٥٢]، فلم يكرر (ما) وأنت تحس الفرق واضحًا بين المواطنين، والسياقين، فإن في آية المجادلة من ذكر لسعة علم الله وشموله وإحاطته بالجزئيات والتفصيلات ما ليس في آية العنكبوت، فقد ذكر في آية المجادلة أنه لا يند عنه شيء ولا يغيب عنه مجلس قل أو كثر، ثم ينبيء الله أهله بكل ما قالوا وما تناجوا به أحصاه الله ونسوه، وهو بكل شيء عليم، فأنت ترى في آية المجادلة من التفصيل ما ليس في آية العنكبوت فلما فصل في آية المجادلة أعاد ذكر (ما)، ولما أجمل في العنكبوت أجمل في ذكر الموصول، فلم يعد ذكره.

ومن ذلك قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} [طه: ٦]، فكرر (ما) لأن الموطن موطن شمول، وإحاطة، وتفصيل، فقد ذكر إنّ له (ما في السماوات) و (ما في الأرض) و (ما بينهما) و (ما تحت الثرى) بخلاف قوله تعالى: {وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبًا أفغير الله تتقون} [النحل: ٥٢]، فأنت ترى الفرق واضحًا بين السياقين في التفصيل، والإحاطة فكرر في موطن التفصيل وأجمل في موطن الإجمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>