للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن نعلم أن المبتدأ إذا كان نكرة ليس لها مسوغ في الابتداء وجب تقديم الخبر الظرف أو الجار والمجرور فتقول: (في الدار رجل) فتقديم الخبر هنا واجب، وليس لأمر بلاغي، ولا يسأل عن الغرض من هذا التقديم وإنما يسأل عن سبب تقديمه إذا كان المبتدأ صالحًا لأن يبتدأ به نحو: في الدار أخوك.

فالتعبير الطبيعي أن تقدم المبتدأ على الخبر، فتقول (زيد في الدار) فهذا إخبار أولى والمخاطب خالي الذهن، فإذا قلت (في الدار زيد) كان المعنى إن المخاطب ينكر أن يكون زيد في الدار، أو يظن أنه في المكتب مثلا فتقول له:

في الدار زيد أي لا في المكتب.

فهذا من باب الاختصاص.

إن أهم غرض من أغراض تقديم الظرف، هو الاختصاص، والحصر، وذلك نحو قوله تعالى: {له الملك وله الحمد} [التغابن: ١] قُدَّم الظرفان ليدل بتقديمهما على معنى اخصاص الملك والحمد بالله عز وجل لا بغيره (١) ولو قال (الملك له) لكان إخبارا بأن الملك له دون نفيه عن غيره فتقديم الظرف أفاد حصره عليه وإختصاصه به دون غيره.

وتقديم الظرف للاختصاص لا ينحصر في باب المبتدأ والخبر بل أن تقديمه يفيد ذلك في غير هذا الباب جاء في (الطراز) في تقديم الظرف: "هو على وجهين: أحدهما أن يكون واردًا دلالة على الاختصاص، وهذا كقوله تعالى {ألا إلى الله تصير الأمور}، [الشورى: ٥٣]، لأن المعنى أن الله تعالى مختص بصيرورة الأمور إليه دون غيره ونحو قوله تعالى: {إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم} [الغاشية: ٢٥ - ٢٦]، وقوله تعالى: {له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} [التغابن: ١]، فهذه الظروف لا وجه لتقديمها على عاملها إلا ما ذكرناه من الاخصاص.


(١) الكشاف ٣/ ٢٣٦، المثل السائر ٢/ ٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>