للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سبق المسند إليه حرف نفي كان المراد نفي الحدث عن المسند إليه، وإثباته لغيره. تقول: (ما تكلمت): فأنت نفيت التكلم عن نفسك ولم تثبته لغيرك أي أنت لم تتعرض لغيرك بسلب، أو إيجاب فإن قلت: (ما أنا تكلمت)، فأنت قد نفيت التكلم عن نفسك وأثبته لغيرك. فإن المخاطب يعلم أن شخصًا ما قد تكلم فكان يظنك أنت، فقلت له: ما أنا تكلمت. أي أن المتكلم غيري.

جاء في (البرهان): "فإذا قلت: ما ضربت زيدًا كنت نافيًا للفعل الذي هو ضربك إياه وإذا قلت: ما أنا ضربته كنت نافيًا لفاعليتك للضرب. فإن قلت: الصورتان دلتا على نفي الضرب فما الفرق بينهما؟ قلت من وجهين:

أحدهما أنّ الأولى نفت ضربًا خاصًا إياه، ولم تدل على وضع ضرب غيرك، ولا عدمه إذ نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، ولا ثبوته.

والثانية نفت كونك ضربته ودلت على أن غيرك ضربه بالمفهوم" (١).

وجاء في (معترك الأقران): "أن يلي المسند عليه حرف النفي فيفيده، نحو: (ما أنا قلت هذا) أي لم أقله مع إنّ غيري قاله" (٢).

ونحو ذلك الاستفهام فإن قلت: أضربت زيدًا؟ كان السؤال عن أصل الفعل أحصل منك أم لم يحصل؟ فإن قلت: أأنت ضربت زيدًا؟ كان السؤال عمن أوقع الفعل بزيد فالسائل يعلم أنّ الفعل قد وقع على زيد، ولكنه يسأل عن الفاعل له.

جاء في (دلائل الإعجاز): "وهذه مسائل لا يستطيع أحد أن يمتنع من التفرقة بين تقديم ما قدم فيها وترك تقديمه. ومن أبين شيء في ذلك الاستفهام بالهمزة، فإن موضع الكلام على أنك إذا قلت: أفعلت؟ فبدأت بالفعل كان الشك في الفعل نفسه، وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده. وإذا قلت: أأنت فعلت؟ فبدأت بالاسم كان


(١) البرهان ٢/ ٢٧٧
(٢) معترك الأقران ١/ ١٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>