للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن الخباز إنّ الفرق بين قولنا زيد أخوك وأخوك زيد من وجهين: "أحدهما أن (زيد أخوك) تعريف للقرابة و (أخوك زيد) تعريف للاسم. والثاني أنّ (زيد أخوك) لا ينفي أن يكون له أخ غيره، لأنك أخبرت بالعام عن الخاص (وأخوك زيد) ينفي أن يكون له أخ غيره لأنك أخبرت بالخاص عن العام، وهذا ما يشير إليه الفقهاء في قولهم: زيد صديقي وصديقي زيد" (١).

فأنت ترى إن تقديم إحدى المعرفتين على الأخرى يتبعه اختلاف في المعنى فقولك (زيد المنطلق) يختلف عن معنى (المنطلق زيد) قال تعالى: {موعدكم يوم الزينة} [طه: ٥٩]، ولم يقل: (يوم الزينة موعدكم) فإنه لما كان الغرض تحديد الموعد أخر عنه بأجل جعله لهم فإن هذا جواب عن قولهم: {فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت} [طه: ٥٨]، ونحوه قوله تعالى: {إن موعدهم الصبح} [هود: ٨١]، فهو أخبار عن الموعد ايضا. ومنه قوله: {قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون} [الحجر: ٦٨]، فهو أخبار عن المشار إليهم ولو قال (إن ضيفي هؤلاء) لاختلف المعنى فكان الأولى جواب عن سؤال: من هؤلاء؟ والثاني جواب عن سؤال: من ضيفك؟ ونحوه قوله تعالى في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم {وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب: ٦]، ولا يصح أن يقال: (وأمهاتهم أزواجه) كما لا يخفى. ونحوه قوله: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} [يوسف: ٦٥]، وقوله: {إن هذا إلا أساطير الأولين} [الأنعام: ٢٥]، ولو عكس فقال (إن أساطير أولين إلا هذا) لتغير المعنى ونحو هذا قوله تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن: ٦٠]، ولو قال: هل الإحسان إلا جزاء الإحسان لتغير المعنى، ولو كان معنى التقديم والتأخير في غير الحصر واحدًا ما اختلف معناه في الحصر.


(١) الأشباه والنظائر ٢/ ٢٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>