للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا المعنى اللغوي للاعراب هو الأصل لمعنى الاعراب في النحو: فالاعراب " هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمعت أكرم سعيد أباه، وشكر سعيدا أبوه علمت برفع أحدهما، ونصب الآخر الفاعل، من المفعول، ولو كان الكلام شرجا واحدا لاستبهم أحدهما من صاحبه" (١).

" وإنما أتي به للفرق بين المعاني، وإذا أخبرت عن الإسم بمعنى من المعاني المفيدة إحتيج إلى الإعراب، ليدل على ذلك المعنى" (٢).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " الإعراب ما أختلف آخره .. ليدل على المعاني المعتورة عليه. وقوله " ليدل على المعاني المعتورة عليه " بيان لعلة وضع الاعراب في الأسماء" (٣).

قال الزجاجي في (الإيضاح) " فإن قال قائل: قد ذكرت أن الإعراب داخل عقب الكلام فما الذي دعا إليه واحتيج إليه من أجله؟

فالجواب أن يقال: إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني، وتكون فاعلة، ومفعولة ومضافة، ومضافا إليها، ولم يكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة، جعلت حركات الاعراب فيها تنبيء عن هذه المعاني فقالوا: ضرب زيد عمرا فدلوا برفع زيد على إن الفعل له، وبنصب عمرو على إن الفعل واقع به. وقالوا (ضرب زيد) فدلوا بتغيير أول الفعل، ورفع زيد على إن الفعل لما لم يسم فاعله، وأن المفعول قد ناب منابه. وقالوا: (هذا غلام زيد) فدلوا بخفض زيد، على إضافة الغلام إليه وكذلك سائر المعاني، جعلوا هذه الحركات دلائل عليها، ليتسعوا في كلامهم وقدموا الفاعل إذا أرادوا ذلك، أو المفعول عند الحاجة، إلى تقديمه، وتكون الحركات دالة على المعاني. هذا قول جميع النحويين إلا أبا علي قطربا فإنه عاب عليهم هذا الاعتلال،


(١) الخصائص (١/ ٣٥).
(٢) المفصل (١/ ٨٤).
(٣) الرضي على الكافية (١/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>