للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال لم يعرب الكلام للدلالة على المعاني، والفرق بين بعضها وبعض .. وإنما أعربت العرب كلامها لأن الأسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا، لكان يلزمه الاسكان في الوقف، والوصل فكانوا يبطئون عند الإدراج، فلما وصلوا وأمكنهم التحريك، جعلنا التحريك معاقبا للإسكان ليعتدل الكلام ..

وقال الخالفون له ردًا عليه " لو كان كما ذكر لجاز جر الفاعل مرة، ورفعه، أخرى ونصبه، وجاز نصب المضاف إليه لأن القصد في هذا، إنما هو الحركة تعاقب سكونا، ليعتدل بها الكلام فأي حركة أتى بها المتكلم أجزأته، فهو مخير في ذلك، وفي هذا فساد للكلام، وخروج عن أوضاع العرب وحكمة نظمهم في كلامهم (١).

وقد ذهب الأستاذ إبراهيم أنيس مذهب قطرب، قال: " يظهر والله أعلم أن تحريك أواخر الكلمات، كان صفة من صفات الوصل في الكلام، شعرا ونثرا، فإذا وقف المتكلم او اختتم، لم يحتج إلى تلك الحركات بل يقف على آخر كلمة من قوله، بما يسمى السكون. كما يظهر أن الأصل في كل الكلمات أن تنتهي بهذا السكون، وأن المتكلم لا يلجأ إلى تحريك الكلمات إلا لضرورة شعرية (٢).

وقال أيضا: " لم تكن تلك الحركات الإعرابية تحدد المعاني في أذهان العرب القدماء كما يزعم النحاة، بل لا تعدو أن تكون حركات يحتاج إليها في الكثير من الأحيان لوصل الكلمات بعضها ببعض" (٣).

" وكون الاعراب علما على المعاني، هو الرأي المقبول الواضح البين، إذ لو كانت الغاية منه الخفة عند درج الكلام، ما التزمته العرب هذا الإلتزام.


(١) الأشباه والنظائر ١/ ٨٤ - ٨٦، الإيضاح في علل النحو (٦٩)، وما بعدها.
(٢) من أسرار اللغة (١٤٢).
(٣) المصدر نفسه (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>