للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قد يكون الحذف إشارة إلى أن المتكلم لا يقوى على إتمام الكلام لما فيه من الضعف أو لرغبة عن الحديث، فيوجز في كلامه ما أمكنه ذلك، ولعل من ذلك قوله تعالى على لسان أهل النار: {لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين} [المدثر: ٤٣ - ٤٤].

٣ - النهي عن الشيء بقوة بحيث تطلب منه ألا يحصل من الفعل شيء كقوله تعالى: {ولا تك في ضيق مما يمكرون} [النحل: ١٢٧].

قال تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: ١٢٦ - ١٢٨].

وقال في سورة النمل: {وقال الذين كفروا أءذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون} [النمل: ٦٧ - ٧٠].

فقال في الأولى (ولا تك في ضيق) وفي الثانية (ولا تكن) وذلك إن السياق مختلف في السورتين، فالآيات الأولى نزلت حين مثل المشركون بالمسلمين يوم أحد " بقروا بطونهم وقطعوا مذاكيراهم فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد مثل به فرآه مبقور البطن، فقال: أما والله أحلف به لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك، فنزلت فكفر عن يمينه وكف عما أراده" (١). وأوصاه بالصبر ثم نهاه أن يكون في ضيق من مكرهم فقال له: (ولا تك في ضيق مما يمكرون) أي لا يكن في صدرك أضيق مهما قل. وهو تطمين من الله لرسوله وتطييب له مناسب لضخامة الأمر وبالغ الحزن، أو هو من باب تخفيف الأمر وتهوينه على المخاطب، فخفف الفعل بالحذف إشارة إلى تخفيف الأمر وتهوينه على النفس.


(١) الكشاف ٢/ ٢٢٢، تفسير ابن كثير ٢/ ٥٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>