{ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}[لقمان: ٢٧]، ونحو ذاك كثير، فلماذا يصر النحاة على أن (أن) الناصبة مصدرية ليس غير؟
ويمكن أن يقال أيضًا: ان الحروف المصدرية مهيئة لإقامة الجملة. مقام المفرد، فتهيئها لتكون فاعلة ومفعولة وغير ذلك نحو (سرني أن عدت) فقد يصح في المعنى أن تؤول بالمصدر، وأحيانًا لا يصح ذلك وفي كلتا الحالتين يراد معنى الجملة لا معنى المفرد. ألا ترى أنك تقدر (أن تصوم خير لك) و (أن صمت خير لك) تقديرًا واحدًا فتقول: (صيامك خير لك) مع أن الزمانين مختلفان.
أو لا ترى أنك تقدر هذه الجمل كلها:
سرني أن تعود
سرني أن عدت
سرني لو تعود
سرني أنك عائد
سرني أنك عدت
سرني أنك تعود
تقديرًا واحدا فتقول (سرني عودك) على ما فيها من اختلاف في الزمن والثبوت والحدوث؟
فمعنى المصدر المؤول يختلف عن معنى المصدر الصريح، لأن المصدر المؤول يراد منه معنى الجملة بخلاف المصدر الصريح.
وربما لم يستقم التأويل بالمفرد كما أسلفنا، نحو قولك:(عسى أن يزورنا خالد) و (عسى الله أن يأتي بالفتح) و (حسبت أن خالدًا قادم) لأن المراد في الحقيقة معنى الجملة لا المفرد، ولا يشترط أن يؤدي المفرد معنى الجملة دائمًا.