وقيل هي آكد من اللام (١) ولفظها وثقلها يوحي بذلك، وهي قريبة الشبه بنون التوكيد الثقيلة التي تؤكد الفعل غير أنها مسبوقة بالهمزة. ومن أوجه الشبه بينهما أن كلتيهما للتوكيد، وأن نون التوكيد يفتح معها الفعل وهذه تنصب معها الاسم، وأنها تخفف كما تخفف تلك.
٢ - الربط:
قد تأتي (إن) لربط الكلام بعضه ببعض، فلا يحسن سقوطها منه وإن اسقطتها رأيت الكلام مختلا غير ملتئم، وذلك نحو قوله تعالى {قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم}[البقرة: ٣٢]، وقوله:{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}[البقرة: ٣٧]، فأنت لو أسقطتها لوجدت الكلام مختلا نابيًا.
وانظر إلى قوله تعالى:{فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير}[البقرة: ١٠٩]، وقوله:{فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما}[النساء: ١١]، وقوله:{ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}[المائدة: ٥١]، وقوله:{وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}[إبراهيم: ٣٤]، وجرب أن تسقط (إن) فستجد الكلام نابيًا غير ملتئم ولا مرتبط.
قال عبد القاهر في قول الشاعر:
بكرا صاحبي قبل الهجير ... إن ذاك النجاح في التبكير
واعلم أن من شأن (إن) إذا جاءت على هذا الوجه، أن تغني غناء الفاء العاطفة مثلا، وأن تفيد من ربط الجملة بما قبلها أمرًا عجبًا، فأنت ترى الكلام بها مستأنفا غير مستأنف مقطوعًا موصولا معًا. أفلا ترى أنك لو أسقطت (إن) من قوله (إن ذاك النجاح في التبكير) لم تر الكلام يلتئم، ولرأيت الجملة الثانية لا تتصل بالأولى، ولا تكون منها بسبيل حتى تجي بالفاء فتقول: بكرا صاحبي قبل الهجير فذاك النجاح في التبكير، ومثله قول بعض العرب: