جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله، فكأنهم لما قالوا: أنا كنا من قبل ندعوه قيل لهم: لم فعلتم ذلك؟ فقالوا: إنه هو البر الرحيم. فهو تعليل جملي مثل (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) بكسر (أن) على أنه تعليل مستأنف.
ومثله في الجواز الوجهين (لبيك أن الحمد والنعمة لك) يروى بكسر أن وفتحها، فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف وهو أرجح، لأن الكلام حيئنذ جملتان لا جملة واحدة. وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب، قاله الموضح في شرح بانت سعاد (١) ".
أنَّ:
لـ (أنَّ) معانٍ وغايات في الكلام مرتبطة لا يكاد ينفك أحدها عن الآخر، فإن أهم وظيفة لها أنها توقع الجملة موقع المفرد، فتهيئها لتكون فاعلة، ومفعولة ومبتدأ ومجرورة ونحو ذلك. وذلك نحو أن تقول: يعجبني أنك فزت، وأخشى أنك لا تعود، وأرغب في أنك تكون معنا.
ولا يتم الكلام بها إلا مع ضميم معها، بخلاف (إنّ) المكسورة، فقولك (إنك فائز) كلام تام بخلاف (أنك فائز) فإنه جزء من كلام، وهو لا يؤدي معنى يحسن السكوت عليه.
قال ابن يعيش: وكذلك أن المفتوحة تفيد معنى التأكيد كالمكسورة، إلا أن المكسورة الجملة معها على استقلالها بفائدتها، ولذلك يحسن السكون عليها، لأن الجملة عبارة عن كل كلام تام قائم بنفسه، مفيد لمعناه فلا فرق بين قولك:(إن زيدًا قائم) وبين قولك (زيد قائم) إلا معنى التأكيد ويؤيد عندك أن الجملة بعد دخول (إن) عليها على استقلالها بفائدتها أنها تقع في الصلة، كما كانت كذلك قبل، نحو قولك:(جاءني الذي أنه عالم) قال الله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة}[القصص: ٧٦]، وليست (أنّ) المفتوحة كذلك، بل تقلب معنى الجملة إلى