كونه غير مناسب لخصوصها، ومن حيث إبهامه قصر استحقاق ما ذكر على التلبية ..
وظاهره تسليم كلام الفقهاء أن المكسورة هنا ليست للتعليل، وهو خلاف ما ذكره النحاة هنا فإن كلامهم صريح في أنها للتعليل" (١).
والذي يبدو لي أنّ ما ذهب إليه النووي أرجح فإن التعليل بـ (إن) لا يماثل التعليل بـ (أن) فإن التعليل بأن المفتوحة إنما هو على إرادة اللام، قال سيبويه في (جئتك أنك تريد المعروف) أي لأنك تريد المعروف، فالتعليل ههنا مقيد بعامله مقصور عليه، أي إنما حصل هذا لهذا، بخلاف التعليل بإن المكسورة فإنه تعليل واسع وحكم عام مستأنف، غير مقيد بالعامل.
فهي في الحقيقة ليست للتعليل المحض كـ (أن) وإنما هي حكم عام، وكلام مستأنف فيه تعليل، يشمل ما ذكر وما لم يذكر.
والذي يوضح ذلك أن الكلام مع أن المفتوحة هو جملة واحدة بخلاف المكسورة فقولك (لا تضرب محمدًا أنه عونك) جملة واحدة أي لأنه عونك، وقولك (لا تضرب محمدًا إنه عونك) جملتان الأولى (لا تضرب محمدًا) والأخرى (إنه عونك) فكأنه لما نهاه عن ضرب محمد قال له: ولماذا تنهاني؟ فإجابه إنه عونك. فقد ابتدأت كلاما جديدًا.
وانظر إلى هاتين الجملتين:(جئت أنك صرت أميرا) بالفتح (وجئت إنك صرت أميرًا) بالكسر، تجد ما ذكرناه واضحًا. جاء في (التصريح) في مواطن كسر وفتح إن: "الثالث أن تقع في موضع التعليل نحو أنه هو البر الرحيم من قوله تعالى: {إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم}، [فاطر: ٢٨]، قرأ نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام العلة أي لأنه، وحرف الجر إذا دخل على (أن) لفظا أو تقديرا فتح همزتها، فهو تعليل أفرادي. وقرأ الباقون من السبعة بالكسر، على أنه تعليل مستأنف بياني فهو في المعنى