للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جملة دعائية بخلاف الثقيلة كما هو معلوم (١).

ومن المعلوم (إن) نون التوكيد الخفيفة لا تقع في بعض مواطن الثقيلة، ولها أحكام خاصة بها.

والناحية الأخرى إن (أن) كما ذكرنا تحول الجملة إلى مفرد في المعنى هو المصدر، والقسم يجاب بجملة لا بمفرد، ولذلك لا يجاب بها القسم، ومع ذلك أجاز بعض النحاة أن يجاب بها القسم (٢).

والصواب أنها تدل على التوكيد إضافة إلى ما ذكرناه من المعاني، فقولك (علمت أن محمدًا قائم) آكد من قولك (علمت محمدًا قائمًا) إضافة إلى إيقاع الجملة المؤكدة موقع المفرد، أي علمت هذا الأمر، قال تعالى: {يأيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} [الممتحنة: ١٠]، ولم يقل: فإن علمتم إنهن مؤمنات، لأن الإيمان أمر قلبي لا يطلع على حقيقته إلا الله، ولذلك قال (الله أعلم بإيمانهن) فاكتفى بالأمارات والدلالات الظاهرة التي تدل على الإيمان، ولم يؤكده بأن لأنه لا سبيل إلى اليقين القاطع.

وقال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} [الأنفال: ٦٦]، فجاء بأن لأنه علم مؤكد.

وقال: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [الأنفال: ٢٢ - ٢٣]، فقال: (ولو علم الله فيهم خيرا)، أي ولو علم فيهم جانبًا ضعيفا من الخير غير محقق، ولا متيقن لأسمعهم، أي أن هؤلاء ليس فيهم شيء من الخير المحتمل، بل المحقق، ولا لم يأت بأن والله أعلم.


(١) ابن عقيل ١/ ١٣٩
(٢) الهمع ١/ ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>