وقال:{وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الأخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}[الأنعام: ٣٢].
فأكد كل ذلك باللام في حين قال:{ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الأخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}[الأعراف: ١٦٩]، فلم يؤكده باللام.
وسر ذلك والله أعلم، أن السياق في آيات الأنعام والنحل هو عن الدار الآخرة، وليس كذلك السياق في آيات الأعراف.
قال تعالى في سورة الأنعام:{ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ولا نكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهي يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}. [الأنعام].
فأنت ترى أن الكلام على الدار الآخرة، وليس الأمر كذلك في آيات الأعراف، بل هو في العقوبات الدنيوية لبني إسرائيل، قال تعالى:{وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتيهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}[الأعراف: ١٦٤ - ١٦٩]، فلما كان الكلام في آيات الأنعام على الدار الآخرة