للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أدري أيعني الكسائي أن هذا الفرق إنما يكون عند اجتماعهما، أو يكون ذلك مطلقا؟ كما لست أدري من أين له هذا الفرق واللام قد تدخل على المبتدأ نحو (لمحمد حاضر) وعلى اسم إن وخبرها نحو {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [الأعراف: ١٦٧]، و {إن لنا لأجرا} [الأعراف: ١١٣]، فمن أين له أن اللام تؤكد الخبر بخلاف إن؟

وذهب بعض النحاة إلى أن التأكيد بـ (إن) أقوى من التأكيد باللام (١)، والظاهر أن بينهما خلافا في الاستعمال، ولا يصح أن نبدل أحداهما بالأخرى على وجه الدوام.

١ - فقد ذكرنا إنّ (إنّ) قد تأتي لربط الكلام بعضه ببعض، ولا يحسن الكلام بدونها وذلك كقوله تعالى: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير} [البقرة: ١٠٩]، وقوله: {فانتظروا إني معكم من المنتظرين} [الأعراف: ٧١]، وقوله {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} [الكهف: ٢٩]، فلا يحسن في مثل هذه المواطن حذف إن، كما لا يحسن إبدال اللام بها إذ لا يسد اللام مسد إن في مثل هذه المواطن.

٢ - وقد ذكرنا أيضا إن (إن) تفيد التعليل كما في قوله تعالى: {وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم} [التوبة: ١٠٣]، وقوله: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} [البقرة: ١٦٨]، وقوله: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا} [الإسراء: ٣٢].

ولا يحسن في مثل هذه المواطن إبدال اللام بها.

٣ - إن (إن) مختصة بتوكيد الجمل الإسمية، ولا تدخل على الأفعال بخلاف اللام فإنها تدخل على الجمل الإسمية، والفعلية، كقولك (ليقوم زيد) و {ولنعم دار المتقين} [النحل: ٣٠].


(١) البرهان ٢/ ٤٠٥، الاتقان ١/ ١٥٦، الأشباه والنظائر ٢/ ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>