للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البحث مبني على مقدمتين باطلتين بإجماع النحويين، إذ ليست (إن) للإثبات وإنما هي لتوكيد الكلام إثباتا كان مثل (إن زيدا قائم) أو نفيًا مثل (إن زيدًا ليس بقائم) ومنه: {إن الله لا يظلم الناس شيئا} [يونس: ٤٤].

وليست (ما) للنفي بل هي بمنزلتها في أخواتها ليتما، ولعلما، ولكنما، وكأنما" (١).

والجمهور على أنها زائدة كافة، مهيئة لدخول ما لم تكن تدخل عليه، وإن (إنما) تفيد الحصر وذكر أبو حيان وطائفة يسيرة أنها لا تفيد الحصر (٢).

والصواب رأي الجمهور وأنها تفيد الحصر، قال تعالى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [البقرة: ١٦٨ - ١٦٩]، أي لا يأمركم إلا بذاك ولا يأمر بالخير، وقال: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نار وسيصلون سعيرا} [النساء: ١٠]، وقال: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد} [النساء: ١٧١]، أي ما هو إلا إله واحد، ويدل على ذلك قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} [المائدة: ٧٣]، وقال: {قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون} [الأنعام: ١٩]، وقال: {إنما الغيب لله} [يونس: ٢٠]، أي ما الغيب إلا الله، ويدل على قوله تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} [النمل: ٦٥]، وقال: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: ٦٠]، وهي حصر في هذه الأقسام لا تتعداهم.

جاء في (لسان العرب): " ومعنى (إنما) إثبات لما يذكر بعدها، ونفي لما سواه كقوله (إنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي) المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو من هو مثلي ..


(١) المغني ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩، الاتقان ٢/ ٤٩ - ٥٠، التفسير الكبير ١٦/ ١٠٥
(٢) الهمع ١/ ١٤٤، الاتقان ٢/ ٤٩، ٥٠، وانظر التصريح ١/ ٢٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>