للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن زدت على (إن) (ما) صار للتعيين كقوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء} لأنه يوجب إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه" (١).

واستدل أبو علي الفارسي على أنها للحصر بنحو قولهم: (إنما يفعل هذا أنا) ولو لم تكن للنفي والإثبات لم يصح هذا لأنك تقول (أفعل هذا) ولا تقول: (يفعل هذا انا) و (إنما) ههنا بمنزلة النفي وإلا فكأنك قلت: ما يفعل هذا إلا أنا.

جاء في (دلائل الإعجاز): "قال الشيخ أبو علي في الشيرازيات: يقول ناس من النحويين في نحو قوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأعراف: ٣٣]، إن المعنى ما حرم ربي إلا الفواحش: قال واصبت ما يدل على صحة قولهم في هذا وهو قول الفرزدق:

أنا الذائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

فليس يخلو هذا الكلام من أن يكون موجبًا أو منفيا، فلو كان المراد به الإيجاب لم يستقم ألا ترى أنك لا تقول: يدافع أنا ولا يقاتل أنا وإنما تقول: أدافع وأقاتل إلا أن المعنى لما كان: ما يدافع إلا أنا فصلت الضمير كما تفصله مع النفي، إذا الحقت معه (إلا) حملا على المعنى" (٢).

وجاء في (الإتقان): "الجمهور على أنها للحصر .. واستدل مثبتوه بأمور منها قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة} [البقرة: ١٧٣]، بالنصب فإن معناه ما حرم عليكم إلا الميتة لأنه المطابق في المعنى لقراءة الرفع فإنها للقصير .. ومنها قوله تعالى: {قال إنما العلم عند الله} [الأحقاف: ٢٣]، {قال إنما يأتيكم به الله} [هود: ٣٣]، {قل إنما علمها عند ربي} [الأعراف: ١٨٧]، فإنه إنما تحصل مطابقة الجواب، إذا كانت (إنما) لحصر ليكون معناها لا آتيكم به إنما يأتي به الله، ولا أعلمها إنما يعلمها الله، وكذا قوله:


(١) لسان العرب (إذن) ١٦/ ١٧٣ - ١٧٤
(٢) دلائل الإعجاز ٢٥٥ - ٢٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>