للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} [الشورى: ٤١]، إلى قوله: {إنما السبيل على الذين يستئذنوك وهم أغنياء} [التوبة: ٩٣] (١).

لا يستقيم المعنى في هذه الآيات ونحوها إلا بالحصر" (٢).

و(إنما) مثلها في إفادة القصر، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {قل إنما يوحى إلي أنما إلاهكم إله واحد} [الأنبياء: ١٠٨] (٣). وقال تعالى: {واعلموا أنما أموالكم وأولادك فتنة وأن الله عنده أجر عظيم} [الأنفال: ٢٨]، فمرة قال (إنما) ومرة قال (أن) وسر ذلك أن (إنما) للحصر، أي ليست الأموال والأولاد إلا للفتنة، والاختبار لإظهار الصلحاء من غيرهم، ثم قال (وأن الله عنده أجر عظيم)، ولم يقل (إنما) لأنه لا موجب للحصر فإن الله عنده أجر عظيم، وعقاب أليم.

وقال: {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو} [هود: ١٤]، أي لم ينزل إلا بعلم الله.

وقال: {فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} [المائدة: ٩٢]، أي ليس عليه إلا البلاغ. قيل والفرق بين إنما والنفي والاستثناء في القصر، أن (إنما) تستعمل لما ينكر المخاطب ولا يدفع صحته. قال عبد القاهر: " اعلم أن موضوع (إنما) على أن تجيء خبرا لا يجهله المخاطب ولا يدفع صحته أو لما ينزل هذه المنزلة.

تفسير ذلك أنك تقول للرجل: إنما هو أخوك، وإنما هو صاحبك القديم، لا تقوله لمن يجعل ذلك ويدفع صحته ولكن لمن يعلمه، ويقر به إلا أنك تريد أن تنبهه للذي عليه من حق الأخ وحرمة الصاحب، ومثله قول الآخر:


(١) وأما بعد آية الشورى المذكورة فهو قوله تعالى {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} [الشورى: ٤٢]
(٢) الاتقان ٢/ ٤٩
(٣) الصبان ١/ ٢٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>